العدوان الصهيوني- تضليل الخطر الوجودي، من الضحية الحقيقية؟

لم تكد تمضي سنة على عملية "طوفان الأقصى" وما أعقبها من حرب ضروس على غزة، حتى امتدت رقعة العدوان الصهيوني لتطال أقطارًا متعددة في الإقليم، متجاوزةً كافة الخطوط الحمر في معركة الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني الصامد ومناصريه. هذا الاعتداء الآثم لم يفرق بين الجنود والمدنيين، ولا بين المنشآت العسكرية والمدنية، مستهدفًا المقاتلين والقادة السياسيين على حد سواء، كان آخرهم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وعدد آخر من القيادات البارزة، في إشارة جلية إلى انعدام القيود أو المحرمات في حربه الشرسة.
يترافق هذا مع تفشي الدعاية الإسرائيلية المضللة، التي تجد لها آذانًا صاغية لدى الكثير من خصوم إسرائيل الذين يعارضون وجودها، كلٌ لأسبابه ومبرراته. بيد أن الإشكالية تكمن في الترويج المتكرر لهذه المزاعم من قِبَل بعض النخب والمحللين والقيادات السياسية، دون إدراك لما لها من تبعات سياسية وإعلامية وخيمة، الأمر الذي قد يصب في نهاية المطاف في خدمة الدعاية الإسرائيلية عينها، ويسهم في تعزيز الرواية الصهيونية الكاذبة التي تركز على فكرة أن إسرائيل هي الضحية، ساعين إلى احتكار هذا الدور في الوجدان العالمي، وفي الوقت ذاته تصوير الفلسطينيين والمسلمين كمعتدين همجيين يشكلون تهديدًا لليهود وكيانهم.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsفاطمة تحارب الجوع في غزة لتنقذ جنينها
أم غزية تجد ابنها بين الجثث المجهولة وتحمد الله أنه كامل
الاحتلال إلى زوال حتمًا.. ولكن
لا يختلف اثنان من المؤمنين بالحق الفلسطيني وثبات قضية فلسطين على أن مصير الاحتلال الإسرائيلي إلى زوال لا محالة، وأنه لن يشكل حالة استثنائية فريدة في التاريخ، فهذه سنة كونية لم تتخلف في أي بقعة من بقاع المعمورة، وباستثناء مناطق العالم الجديد التي شهدت إبادة ممنهجة للشعوب الأصلية بشكل شبه كامل، كجمهورية الولايات المتحدة الأمريكية، لم يبق شعب على وجه البسيطة يرزح تحت نير الاحتلال بشكل دائم.
علاوة على ذلك، يفتقر هذا الاحتلال إلى أي حق شرعي في الأرض التي يغتصبها، فهو غريب عن المنطقة ولا يمت إليها بأية صلة حضارية أو فكرية أو قومية، فسكانه خليط من القوميات والثقافات والجنسيات المتضاربة. كما أن الإصرار المطلق للشعب الفلسطيني على رفض الاحتلال ومقاومته بكل الوسائل المتاحة، والمكانة الخاصة التي تحظى بها أرض فلسطين في قلوب الشعوب العربية والإسلامية، يعتبر عاملًا حاسمًا في عدم وجود مستقبل لهذا الاحتلال على أرض فلسطين.
وقد أدى سلوكه الوحشي المتفاقم منذ نشأته وحتى يومنا هذا إلى تأجيج حالة العداء له، ليس فقط من جانب الشعب الفلسطيني المقهور، بل من قبل كافة شعوب المنطقة العربية والإسلامية قاطبة، بل إن هذا العداء يتصاعد اليوم بشكل ملحوظ، جراء حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها في قطاع غزة المحاصر، حتى بين أوساط شعوب دول عديدة لطالما ساندته وقدمت له الدعم، وعلى رأسها الدول الغربية.
لكن هذا لا يعني أن نغفل عن المقاصد الإسرائيلية الخفية من وراء الترويج المستمر لفكرة الخطر الوجودي المزعوم الذي يتهددها، فعلى الرغم مما قد يبدو أنه تعبير عن الشعور بعمق المأزق، والخوف الدائم من المستقبل المجهول، إلا أنه يهدف أيضًا إلى تحقيق جملة من الأهداف، منها:
أولًا: ترسيخ فكرة المظلومية والاضطهاد التاريخي: يسعى الكيان الصهيوني من خلال خطابه الذي يركز على التهديد الوجودي إلى احتكار صورة الضحية في العالم، وربطها بما يسميه "الشعب اليهودي" وما تعرض له اليهود في ألمانيا النازية، بل ويستحضر جميع المحطات التاريخية التي عانى فيها اليهود من الاضطهاد والظلم، كالذي حدث في روسيا القيصرية وإسبانيا وغيرها، ويؤكد على أن الكيان هو الملاذ الآمن الوحيد لليهود الذي يجب حمايته وبذل الغالي والنفيس من أجله، وأن على العالم أجمع أن يقف إلى جانبه ويسانده في ذلك، ولا سيما الجهات التي يتهمها بالمساهمة في هذا الاضطهاد، أو التي تؤمن بفكرة الخلاص.
ثانيًا: تبرير التوحش والجرائم المرتكبة: تستغل إسرائيل وجيشها الدعاية المضللة للخطر الوجودي والمظلومية في تبرير الأعمال الوحشية التي ترتكبها، والجرائم التي اقترفتها وما زالت تقترفها، وكان آخرها حرب الإبادة الجماعية الشنيعة في غزة، وتحاول إعطاء الانطباع بأنها تفعل كل ذلك؛ لأن هناك خطرًا وشيكًا يهدد وجودها الفعلي، وأن أولئك الذين يمارس بحقهم كل هذا القتل والتدمير والإبادة يمثلون خطرًا محدقًا بها. وبالتالي، فإن كل ما تقوم به من أفعال شنيعة يعتبر مبررًا؛ لأنها تدافع عن بقائها.
ثالثًا: صفرية الصراع؛ "وجود أو فناء": تتبنى إسرائيل، وعلى وجه الخصوص حكومتها الحالية الفاشية، نظرية عدم وجود حلول وسط مع الفلسطينيين، وأنه لا يوجد خيار آخر سوى تصفية الوجود المادي للفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية.
وتعتقد الحكومة الحالية المتطرفة أن الوقت قد حان لـ "حسم الصراع" بشكل نهائي، وإنجاز ما لم يتحقق في العام 1948 من خلال طرد أو إخضاع من تبقى من الفلسطينيين داخل حدود فلسطين التاريخية، ويتم الترويج لفكرة أن هذه الجغرافيا المسماة "فلسطين" لا يمكن أن تتسع إلا لطموح وطني واحد لشعب واحد فقط، وهو بطبيعة الحال "الشعب اليهودي" من وجهة نظرهم.
وبناءً على ذلك، لا بد من دفع الفلسطينيين إلى اليأس والقنوط من إمكانية تحقيق تطلعاتهم الوطنية المشروعة في فلسطين. وهم يسعون جاهدين لتحقيق ذلك من خلال تصعيد وتيرة الجرائم والقتل والتدمير، وصولًا إلى الإبادة الجماعية، وللتغطية على كل هذه الفظائع، فإنهم يلجأون إلى الترويج لشبح الخطر الوجودي المزعوم.
رابعًا: استجلاب الدعم والمساندة: يدرك قادة الكيان الصهيوني منذ تأسيسه أن المنطقة العربية لن تسلم بوجود كيانهم الغاصب، وأن الشعب الفلسطيني لن يرضخ لمخططات التهجير أو الاستسلام، وسيستمر في المقاومة المشروعة حتى استعادة حقوقه المسلوبة، وعليه فإن البيئة المحيطة بالكيان ستظل معادية له على الدوام، ولن ينعم بالأمن أو الاستقرار المنشودين، ورغم التطبيع الرسمي من قبل عدد من الدول العربية، فإن ذلك لم يغير شيئًا من نظرة الشعوب العربية إلى الكيان، ورفضها المطلق لوجوده، واعتباره خطرًا داهمًا يهدد مستقبلهم، وهو ما تعبر عنه الشعوب في كل مناسبة وأي فرصة تسنح لها.
هذا الواقع المرير يعني أن الكيان، ونظرًا لضعف قدراته الذاتية حتى وإن امتلك قنابل نووية فتاكة، فإنه في أمس الحاجة إلى الرعاية والدعم الخارجيين الدائمين، ولا سيما من قبل الدول التي أنشأته ودعمته كمشروع وظيفي يخدم مصالحها الخاصة، مستخدمة حزمة من الحجج والمقولات الزائفة؛ لتبرير هذا الدعم والرعاية، واعتبار الكيان الملاذ الآمن الوحيد لهم، وعليه فإن حمايته والحفاظ على وجوده ليس مجرد مسألة ذات أهمية بالغة، بل هو أيضًا واجب "أخلاقي". لذلك نجد هذه الدول تتسابق فيما بينها للتعبير عن دعمها ورعايتها للكيان المهدد، فيما يستمر هو في الترويج لصورة الضحية والحديث عن الخطر الوجودي الوشيك.
خامسًا: تعزيز التضامن الداخلي المتماسك: تستخدم الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نظرية التخويف والفوبيا الدائمة من المستقبل المجهول؛ لتعزيز التضامن الداخلي في المجتمع الإسرائيلي المفكك من خلال استحضار الشعور الدائم بالمصير المشترك، وتستمر في تغذية مخاوفهم من المستقبل والخطر الوجودي الذي يتهددهم؛ لضمان استمرار هذا التضامن الزائف، والوقوف صفًا واحدًا خلف سياسات الحكومة، ولا سيما السياسات العدوانية والتوسعية.
تزداد أهمية هذه النظرية أو الإستراتيجية في مجتمع ممزق يعاني من تنوع عرقي وقومي كبير، ويفتقر إلى القواسم المشتركة التاريخية والثقافية والحضارية، ولا يجمع أعضاءه المشتتين، بالإضافة إلى خرافاته التاريخية الملفقة، سوى الخوف الذي لازمهم من الماضي المرير، ولا يزال يسيطر عليهم حتى اليوم.
يدعم ذلك حقيقة أن الانتماء الوطني للأرض التي يعيشون فيها مصطنع وغير حقيقي، ويتجلى ذلك في الهجرة العكسية المتزايدة كلما اندلعت أزمة أو نشبت حرب، وكذلك إحجام غالبية اليهود المنتشرين حول العالم عن الهجرة إلى فلسطين المحتلة، على الرغم من مرور كل هذا الوقت على إقامة "إسرائيل"، فعدد اليهود المقيمين في الولايات المتحدة وحدها يعادل عدد اليهود الموجودين في فلسطين المحتلة.
وعندما تتضاءل مغريات "أرض العسل واللبن" والحياة الرغيدة نتيجة الحروب والتحديات المستمرة، يتم إعادة تضخيم فكرة الخطر الوجودي المزعوم؛ لضمان استمرار التضامن والوحدة الداخلية المتماسكة.
آن الأوان أن (تُقلب)، وبشكل أدق أن تُعدّل، الرواية لتكون على حقيقتها الناصعة، وأن يتم الحديث عنها بشكل واضح وصريح، بأن الشعب الفلسطيني هو المهدد وجوديًا، وهو الذي استهدف وجوده على أرضه منذ ما يزيد على مئة عام، وأن الاحتلال الصهيوني هو الخطر الوجودي الحقيقي، ليس على الفلسطينيين وحدهم، بل وعلى العديد من شعوب ودول المنطقة بأسرها.
الخطر الوجودي.. مَن يهدد مَن؟
إن القراءة المتأنية والمتعمقة للمشهدين الدولي والإقليمي، وكذلك للمعطيات الخاصة بدولة الاحتلال وأعدائها، تكشف عن واقع مغاير تمامًا لما يحاول الاحتلال الترويج له وتصديره إلى العالم، كما أنها تنفي بشكل قاطع فكرة التهديد الوجودي للاحتلال في هذه المرحلة على الأقل، وتؤكد أن كل ما يدعيه الاحتلال ما هو إلا ضرب من ضروب البروباغندا والتضليل السياسي المكشوف، وذلك للاعتبارات التالية:
- الاستقرار النسبي الذي يشهده المشهد الدولي وموازين القوى فيه، والذي لا يزال يصب في مصلحة الاحتلال، ولا سيما في مواجهته مع قوى المقاومة الفلسطينية، إذ لا تكاد تجد قوة دولية وازنة تعارض بشكل جدي وحقيقي، فضلًا عن أن تكون معادية، لسياسات الاحتلال الإجرامية والوحشية بحق الفلسطينيين، ولا تزال الدول التي يُعوّل عليها لإحداث توازن حقيقي في المشهد الدولي، وعلى رأسها روسيا والصين، مترددة أو تنأى بنفسها عن التدخل المباشر في الحرب الدائرة، بل إن بعضها يعتبر داعمًا بشكل أو بآخر للكيان الصهيوني.
- استمرار الرعاية الغربية، وبالذات الأمريكية، الكاملة وغير المشروطة للكيان الصهيوني، وتقديم كافة أشكال الدعم اللازمة له بمعزل عن بعض التباينات السياسية الظاهرية مع حكومته المتطرفة.
هذه الرعاية السخية لا تقتصر فقط على الدعم العسكري اللامحدود، والتعهد الدائم بحماية إسرائيل والدفاع عنها في المحافل الدولية، بل تتعداهما إلى الإسناد السياسي ومساعدتها في تحقيق أهدافها من الحروب التي تخوضها، وتعويض ما لا تستطيع أن تنجزه عسكريًا من خلال تحقيق مكاسب سياسية تعمل الولايات المتحدة جاهدة على فرضها على الأطراف المختلفة في المنطقة.
- استمرار فاعلية الوظيفة الأساسية التي أقيم الكيان من أجلها في الأصل. فالقوى الاستعمارية الغربية التي أسست هذا الكيان ووفرت له الدعم المالي والعسكري والسياسي، وحددت الجغرافيا التي ينبغي أن يقام عليها، وضمنت له الاستمرار والبقاء حتى هذه اللحظة؛ لكي يخدم مصالحها الاستعمارية والإمبريالية في المنطقة الحيوية، ما زالت تتصرف كقوى استعمارية تقليدية، وما زالت تنظر إلى المنطقة العربية والإسلامية بذات النظرة الدونية، وهي تعتقد جازمة بأن الكيان ما زال يمثل أداة استعمارية لا غنى عنها بالنسبة لها.
وبناءً عليه، فإن المحافظة عليه ودعمه وحمايته تعتبر ضرورة قصوى ومسألة محل اتفاق وإجماع بين هذه القوى الاستعمارية، إلى حد أن الدولة الكبرى والأهم بين هذه الدول، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، لا تزال وفق ما صرح به رئيسها الحالي جو بايدن، تعتقد بأنه لو لم تكن إسرائيل موجودة بالفعل لكان عليها اختراع إسرائيل وإنشائها من جديد.
- ضعف الموقف العربي والإسلامي الرسمي العام تجاه القضية الفلسطينية، مع وجود تباين ملحوظ في مواقف الدول، سواء من الكيان الصهيوني بشكل عام أو من ممارساته وسياساته العدوانية والتوسعية.
فالدول العربية والإسلامية، باستثناء إيران وبعض القوى والحركات غير الحكومية، تلتزم منذ أمد بعيد بموقف سلبي متخاذل تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، وقد نأت معظم هذه الدول بنفسها عن التدخل المباشر والفعال في الصراع الدائر، وحافظت على مواقف سياسية باهتة وغير مؤثرة على مجريات الصراع.
ومما يزيد الموقف العربي والإسلامي الرسمي وهنًا وضعفًا هو التسارع الكبير والمخزي في وتيرة التطبيع الرسمي، ولا سيما العربي، مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك انهيار عدد من الدول العربية والإسلامية الوازنة بعد أن غرقت في أتون حروب داخلية طاحنة مزقت فيها الجغرافيا والشعوب.
- التفوق العسكري النوعي المطلق، حيث تنفرد دولة الاحتلال بامتلاك أحدث وأكثر الأسلحة تطورًا المصنعة غربيًا، والأمريكية منها على وجه الخصوص، بالإضافة إلى ترسانة نووية هائلة لا يعلم أحد حجمها الحقيقي أو مدى خطورتها.
إذ لم تكتف الدول الغربية الإمبريالية بتوفير الحماية المطلقة للكيان الصهيوني الغاصب، بل عمدت أيضًا إلى تزويده بكل أسباب القوة العسكرية وأدواتها الفتاكة، فقامت فرنسا على سبيل المثال ببناء مفاعل نووي للكيان مكنه من تصنيع عدد غير معلوم من القنابل النووية، واستمرت الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية في تزويده بأحدث الطائرات المقاتلة والصواريخ الباليستية والمعدات العسكرية المتطورة، فضلًا عن الدعم الأمني والاستخباري اللامحدود.
بناءً على كل ما تقدم من حقائق دامغة، لا ينبغي أن تنطلي على الفلسطينيين الأحرار، وكل من يساند قضيتهم العادلة ويدعمهم في نضالهم المشروع، الدعاية الإسرائيلية المضللة حول الخطر الوجودي المزعوم، ولا بد من وضع الأمور في نصابها الصحيح، فالفلسطيني هو الضحية الحقيقية، وهو المهدد في وجوده وأرضه، وهو المظلوم الذي رزح تحت نير الاستعمار القديم والاستعمار الجديد، ووجوده على أرضه مهدد بشكل حقيقي ووجودي، وهو من هُجّر ما يزيد على نصفه قسرًا من أرضه التاريخية، ولا يزال نصفه الآخر يتعرض لخطر التهجير القسري، أي الخطر الوجودي الحقيقي، في ظل التهديد العلني والمتكرر من الحكومة الفاشية للاحتلال بذلك.
آن الأوان أن (تُقلب)، وبشكل أدق أن تُعدّل، الرواية المضللة لتكون على حقيقتها الناصعة، وأن يتم الحديث عنها بشكل واضح وصريح لا لبس فيه، بأن الشعب الفلسطيني هو المهدد وجوديًا، وهو الذي استهدف وجوده على أرضه منذ ما يزيد على مئة عام خلت، وأن الاحتلال الصهيوني هو الخطر الوجودي الحقيقي الداهم، ليس على الفلسطينيين وحدهم، بل وعلى العديد من شعوب ودول المنطقة بأسرها.